بئر الأمنيات
هواية تامر المفضلة هي التمدد على الأريكة ملقياً بجسده عليها، أو قضاء الوقت في مشاهدة التلفاز ومتابعة جميع البرامج الكرتونية وما أكثرها!.
يدرك أن والديه لا يحبان هذا السلوك لكنه يحب الحياة المريحة الكسولة. فهو ينتبه لدروسه لكن لا يستمتع بها مثل مشاهدة التلفاز.
في أحد الأيام وبعد عودته من المدرسة عرّج هو وأصدقاؤه على الغابة القريبة من البلدة. لكنه تاه عنهم بعد برهة، فتجول باحثاً عن طريق للعودة إلى المنزل. فإذا به يرى قزماً صغيراً بقبعة حمراء يمشي غاضباً ملوحاً بيده ويدمدم ببعض الكلمات. نظر تامر إليه باستغراب وركض نحوه مباشرة لينقذه من حجر كبير الحجم يتدحرج نحوه.
ذهل القزم من الموقف وشكر تامراً على مساعدته وأصر أن يأخذه إلى كهف الأقزام حيث يعيش جميع الأقزام هناك. عندما وصل تامر إلى مجمع الأقزام لاحظ وجود بئر في منتصف المكان. فقال القزم رداً على استغرابه:
- إنه بئر سحري. كل من يمر منه ويتمنى أمنية تتحقق له مباشرة.
لم يصدق تامر حكاية البئر لكن أحب أن يجربه، فتمنى دراجة يركبها فإذا بدراجة تظهر أمامه. وبكل استغراب تساءل: – هل يمكنني الاحتفاظ بها؟
- طبعاً إنها ملكك.
نظر تامر للدراجة مطولاً وتفحصها وركبها لكن فجأة اختفت ووقع على الأرض.
وقف متألماً وغاضباً من القزم، لكنه هدأ مباشرة عندما رأى لباس الرجل الخارق يطير أمام عينيه.
- إنه لباسي المفضل سأرتديه مباشرة. انظروا كم هو جميل! هذا رائع. ماذا! أين اختفى؟! أين اللباس؟.
وهكذا كل ما تمناه تامر يستمتع به قليلاً ثم يختفي. وعندما عرف أنه لن يتمكن من امتلاك أي شيء مما يتمناه، أقنع نفسه بأن يستمتع بهذه الأمنيات حتى تختفي.
- هذا ما يحصل دائماً – قال القزم ذو القبعة الحمراء- كل من يكتشف البئر ويعرف أن كل أمنياته ستختفي، يقنع نفسه أن يستمتع بالأمنيات حتى تختفي.
سُمِعت أصواتٌ من بعيد تنادي على تامر، فركض القزم نحو تامر وأخبره أن لا يخبر أحداً عن لقائه بالأقزام وأضاف:
- أحب أن أهديك هذه الهدية، إنها نسخة مصغرة من البئر السحرية. لكن تعلم كيف تنظر إليها بشكل صحيح وستمنحك سعادة كبيرة، إلى اللقاء الآن.
عاد تامر إلى البيت، وبعد عدة أيام تذكر هدية القزم ذي القبعة الحمراء ففتح العلبة فإذا به يتفاجأ أن الهدية عبارة عن ساعة بسيطة موجود بداخلها صورة لتامر وهو يلعب بجانب البئر.
- أعرف أني لا يمكن أن أحصل على مثل تلك البئر السحرية، لقد ضحك علي هذا القزم.
جلس تامر على الأريكة ليعود لممارسة هوايته في التمدد والكسل. لكنه وبعد خمس دقائق فوجئ بصوت الساعة وهي تدق وتتلاشى صورته أمام البئر وتظهر عوضا عنها صورته وهو ممدد وعلامات الملل والضجر تظهر عليه. وهكذا استمرت الساعة كل خمس دقائق بالتوقف وإظهار تامر وهو لا يفعل شيئاً غير التمدد.
نظر مرة أخرى إلى الساعة وتذكر كلام القزم بأن ينظر إلى الهدية بالشكل الصحيح.
- إذا كانت الساعة هي النسخة المصغرة من البئر، فهل يمكن أن تكون الدقائق هي الأمنيات؟ الأمنيات التي اختفت عند البئر تشبه الوقت، الوقت لن يتوقف ولن ينتظرني، وسيختفي مثلما اختفت أمنياتي.
في تلك اللحظة أدرك تامر أن كل دقيقة من وقته ستختفي إن لم يستمتع بها ويستفيد منها، كأمنيات البئر السحري. وتذكر كم من دقائق وساعات مرت دون أن يفعل شيئاً أو يستمتع بذلك الوقت.
منذ ذلك اليوم وتامر يشاهد على الساعة السحرية صوراً مختلفة له وهويقوم بأنشطة مختلفة. فمرة يقرأ ومرة يلعب بلعبة جديدة ومرة مع أصدقائه ومرة يرسم ومرة يساعد والديه حتى أن لديه صوراً وهو يشاهد التلفاز فقد أصبحت مشاهدته أكثر متعة.